[size=24]صة خيانة
(هيا) وزوجها
تقول هذه الزوجة المكلومة: هجرني وتركني أمسح الدمع!! عندما يحب الإنسان حبًا يبلغ شغاف القلب فإنه يضحي بكل شيء من أجل حبيبه, وهذه اعترافاتي أسردها لكم بكل شجاعة وقوة:
تزوجت من رجل ليس في الوجود مثله أبدًا أبدًا أبدًا, وبعد شهرين من زواجنا أخبرني أنه يحب غيري ويرغب في الزواج منها, وأنه شديد الحب لها والولع بها.. طأطأت رأسي قليلاً ثم رفعته وقلت: تحبها أكثر مني؟! قال: نعم, قلت: اذهب حبيبي إليها وتزوجها.. فسعادتك سعادتي.. قال لي: ولكنني لا أملك المال الكافي!! قلت: خذ مجوهراتي بعها حبيبي وتزوج من تحب!! رفض وقال: قد تحتاجينها يومًا ما يا حبيبتي.. دعيها لك. وتحت إلحاحي وإصراري وافق!!
أخذ مجوهراتي وباعها ثم سافر بحثًا عن حبيبته وعشيقته وتركني عروسًا حديثة عهد بزواج!! ومر شهر.. وشهران.. وثلاث.. وعام.. وعامان.. وثلاث, وحبيبي لا يزورني!! يحدثني بالهاتف ويخبرني أنه مشغول ولا يستطيع زيارتي!! أمسح الدموع ليل نهار.. وأطلق الزفرات.. وأتجرع الحسرات, هل تظنون أنني غاضبة منه؟!! كلا.. كلا, فهو حبيبي مهما فعل, بل إنني أعذره.. نعم أعذره!! وأصدقه بكل قوة.. أشتاق لمكالماته.. تتلهف أذني لسماع حديثه.. صوته ألحان تدغدغ أذني.. حديثه العذب.. كلماته الرقيقة.. أحيانًا يمر شهر دون أن يحدثني.. آه ما أقساك!! كم أنت قاسٍ وكم أنت حنون!! كيف تصبر عني أنا لا أصبر؟!!
ولكن هكذا الرجال.. دائمًا أقوياء.. أكثر صبرًا وأشد صلابة.. عندما تحدثني بالهاتف أشعر أن الدنيا بين يدي.. تخفي دموعك الرقراقة وصوتك المبحوح.. تتظاهر بالقوة حتى لا تحزنني وأنا أحدثك.. دموعي هائمة على وجهي.. وصوتي يتعثر بآهاتي.. أكتم بكائي داخل أعماقي.. وأخفي أنيني بين جدران قلبي.. صوتي يتقطع في حنجرتي.. وقلبي يتمزق بحسراتي.. وأتظاهر بالقوة أنا كذلك حتى لا أحزنك.. ما أصدقنا من زوجين!!
يالك من زوج تترك عروسك لتبحث عن أخرى!! ويالكِ من زوجة تبيعين مجوهراتك لتزوجي زوجك!! إني لأعجب منكما!!
وفي يوم كئيب.. بل يوم سعيد, يرن جرس الهاتف.. تسرع هيا لترفع سماعة الهاتف.. صوت بعيد: أريد الأخت هيا.. نعم, أنا هيا.. من يتحدث؟ صوت بعيد: أنا أخ لك مجاهد من الشيشان.. احتسبي زوجك أخية؛ فقد استشهد بعد معركة قوية خاضها مع الروس, ووالله إن رائحة المسك لتفوح من ثيابه.. ووالله إن ابتسامة عريضة ارتسمت على محياه.. فاصبري أخية واحتسبي!!
تمالكت نفسي مع الرجل وقلت: الحمد لله.. جزاك الله خيرًا.. أغلقت السماعة وأصابتني حالة هستيرية.. موجة عارمة من البكاء والحزن والفرح في آنٍ واحد! فزعت أمي! هيا.. هيا.. ما بك؟ من هو المتحدث في الهاتف؟ لم أستطع الكلام.. أضحك وأبكي.. احتضنتني أمي وهي تصرخ: هيا.. أرجوك أخبريني! استجمعت قواي وأخبرتها الخبر.
ذهبت إلى غرفتي وأنا أقول لوالدتي التي تنتحب: أمي.. من أراد تهنئتي فليدخل عليّ غرفتي, ومن أراد غير ذلك فلا حاجة لي بزيارته, لم يدخل غرفتي إلا بضع نفر وهنئوني.
سبحان الله!! وأخيرًا أيها الحبيب وجدت عشيقتك وحبيبة قلبك.. وأخيرًا يزف حبيبي على اثنتين وسبعين عروسًا كلهن أجمل من هيا.. وأفضل من هيا.. وأعذب من هيا.. ليت شعري كيف حالك وأنت بين أولئك الفتيات الحسناوات؟! إن كنت نسيت هيا - ولا أظنك تفعل - فإنني لن أنساك أبدًا.. وستظل خالدًا في ذاكرتي ما حييت.. ثلاث سنين تجرعت فيها المرارة والحرمان.. لم تكتحل فيها عيني برؤيتك.. ولكني أمني نفسي برؤيتك في الجنة إن شاء الله.
أيها الحبيب.. بل أيها الأسد.. أيها الفارس البطل.. تركت منزلك الهادئ لتعيش في الغابات والكهوف!! تحت زخات الرصاص!! تركت عروسك الشابة لتنام على الثلوج!! وترابط في الخنادق!! أتذكر حين قلت لي: هيا.. لا أستطيع أن أنام.. بكاء أخواتي في الشيشان يدمي قلبي ويدمع عيني.. يا لك من شاب ذي همة وأية همة! حملت هم الدين.. وزهدت في الدنيا.. فهنيئًا لك الحور.. هنيئًا لك الجنان.. هنيئًا لك صحبة حمزة.. وجعفر.. وزيد.. ومصعب.. بل هنيئًا لك صحبة الحبيب عليه الصلاة والسلام إن شاء الله.
وداعًا يا حبيب القلب.. وداعًا وداعًا.. لعلي أنال شفاعتك.. وألتقي بك في جنات الخلد إن شاء الله تعالى.
اخوكم المحب المخلص // عبد السلام محمد الحبيب **** ملاك الحب الصادق [/size]