كنت معجبا" بجمالها … أتأملها أثناء المسير ببصر محروم وروح معّذبة ونسيت أنها من أعدائي ، أحسست برغبة عظيمة تشدني نحو أسيرتي … أحاول أن ألتصق بجسدها الأشقر … أرتشف من شفتيها حرمان الماضي وأهرب بنشوتها بعيدا"عن تترية الحاضر … أتشرنق بحنان امرأة تلملم شظايا كياني وتوقظ إنسانيتي من سراديب غفوتها …تحملني فوق بساط أنوثتها مجردا"من مخالب الشقاء وتقذفني كعنصر جديد للطبيعة .. أنجذب .. أمتزج .. أتحد مع مكوناتها كإنسان له مشاعر يهوى الحب والرقة ويهرب من العنف والهمجية ، الحب … ذلك الشيء الأسطوري الذي أدركته في مراهقتي ، (كنت أقف لتلك الرائعة ( بثينة ) أبنت جارنا عند مفترق الطريق بشخصية هندسية مزيفة كأني مدير مصرف أو عالم ذرة أنتظر مجيئها بشوق ( كانتظار الضعفاء للرحمـة ) وعندما تغدو أمامي بجسدها اللعوب وهي تتوسط رفيقاتها الطالبات أتوغل لحظتها في صراع مع ذاتـي أكافح عبثا" كي أصحح خفقات قلبي المضطرب التي لازمتني ليومي هذا بما يعرف طبيا"( بارتجاف الأذينين المزمن ) ، قذفت لها في أحد الأيام أقصوصة كتبت فيها ، ( أنت أيتها السمراء المتكبرة … يامن تعتقلين روحي وراء قضبان الحب حيث اللوعة والضمور… بدأت ذرات جسدي بالتفكك وأواصر مداراتي بالتباعد فأرحميني قبل أن أتناثر متلاشيا ) ، أجابتني بورقة مزخرفة بورود رسائل العشاق ، أرسلتها بيد أبن أختها ( جميل ) الملعون الذي أصبح طبيبا" للأسنان فيما بعد ، كتبت فيها ( أنتظرني أيها الفيلسوف المخترع ، سأتحد معك بنواتي وأمنحك فضاء آت مداراتي ونصنع قنبلة ذرية ) ) ، وقبل أن أكمل سيناريو حبي العذري الجميل (لبثينة ) شاء القدر أن يقذفني في أعاصير أعوام قاسية لم أجد فيها غير صواعق الحرب ودوي الدمار فقدت فيها انطلاقة شبابي مرابطا" فوق قمم الجبال وتحت سقوف الملاجئ حيث الرهبة والخوف ، أرتجف بردا" وأتضور جوعا" وأحشو مدفعي بآلة الموت الجهنمية لأطلقها صوب المدى حيث الأعداء كما يدعون .
اخوكم المحب عبد السلام محمد الحبيب.